الاعداد السابقة
|
عكس الشعر الجاهلي صورة الإنسان العربي في كل منحى من مناحي حياته، وانطوى على إشارات كثيرة تؤكد أن الإنسان العربي كان مقتنعًا بوجود الله العظيم اقتناعًا كاملاً، ولم يؤثر في قناعته ما كان من وثنية وأصنام، وتناول الكاتب هذا المضمون بالتحليل ونظر في الأشعار التي عرضت لاعتقاد الإنسان العربي في الله، وأثبت في بداية مقالته أن أخبار العرب في الجاهلية تكشف عن إقرارهم بوجود الله، الذي يدبر الكون ويتحكم بالكائنات، وكلما انحرفوا عن عقيدة التوحيد ظهر بينهم أنبياء دعوا إلى العودة إلى عبادة الله الواحد، وبمجيء إبراهيم ــ عليه السلام ــ إلى الحجاز وبنائه بيت الله الحرام، ونبذه كل ما يشكك في وحدانية الله، بدأت صفحة جديدة في تاريخ العرب القدماء، ويستدل من أخبار العرب عودتهم إلى الإشراك وعبادة الأوثان بعد عهد إبراهيم عليه السلام، كما ظهرت في العرب الجاهليين فئة دعت إلى توحيد الله وتنزيهه عن الإشراك مستمسكة بالحنيفية وبرز منهم شعراء عبروا عن اعتقادهم في أشعارهم مثل أمية بن أبي الصلت، وأبي قيس بن الأسلت، وزيد بن عمرو بن نفيل، كما عرف العرب أيضًا إضافة إلى الحنيفية اليهودية والنصرانية، وكان الاعتقاد في مقدرة الله ومجالها ومداها مشتركًا ما بين العرب على اختلاف عقائدهم، ويتبين من الشعر الجاهلي أن الوثنية عند الجاهليين كانت إشراك الله بالأوثان، فأشار أوس بن حجر إلى ما كان يعتقده المشركون من أن الله رب الآلهة سبحانه، ويتبين من هذا الشعر أيضًا أن الإنسان العربي قد اعتقد بوجود الله تعالى، ويتضح في رؤيته لقدرتــه العظيمــة، وبرزت بعض جوانب هذه الرؤية في تعبيره عن تسليمه لمشيئة الله ــ تعالى ــ وإرادته، وفي ذكره لثواب الله وعقابه. ولا تقتصر قدرة الله في رؤية الإنسان العربي في الجاهلية على الثواب والإحسان، وإنما تشمل أيضًا العقاب والإهلاك، وتدبير الناس والكون حسب إرادته ومشيئته. وانتهى الكاتب إلى أن أشعار العرب في الجاهلية عبرت بوضوح عن إيمانهم بوجود الله المدبر لشؤون الإنسان والكون.
|
|